الطفل المعاق.. هل هو أزمة تعاني منها الأسرة؟ أم أنه نعمة يمتن الله تعالى بها على الأب والأم ليختبر مدى صبرهما وقدرتها على البذل والعطاء والتضحية بلا حدود؟ الحقيقة أن الطفل المعاق هو حالة فريدة من نوعها ويحتاج إلى طريقة مختلفة في التعامل خاصة من جانب الوالدين وأفراد الأسرة مثل الأخوة والأخوات.
من أهم الأمور التي يجب أن يهتم بها الأبوان في التعامل مع طفلهم المعاق الجانب النفسي، لاسيما إذا كانت الإعاقة التي أصابت الطفل لم تكن وليدة معه منذ اللحظة الأولى لقدومه إلى هذه الحياة وإنما لحقت به خلال إحدى مراحل عمره الأولى، وذلك لأن الطفل المعاق يكون أكثر حساسية وأكثر تأثراً خلال التعامل مع الضغوط النفسية التي يتعرض لها.
يجب على الوالدين بصفة خاصة معرفة حقيقة مؤكدة وهي أن الطفل ذا الإحتياجات الخاصة يربط بين تعرضه للإعاقة وبعض المظاهر الخارجية والمؤثرات، مما يعني أن هناك بعض الأمور التي يجب تفاديها والمثيرات التي يجب النأي بالطفل عنها قدر الإستطاعة حتى لا تكون مشاعره وحالته النفسية عرضة لتذكر هذا الألم والبقاء في حالة أسر لذكريات التعرض للإعاقة.
وفي الوقت نفسه من الضروري أن يحذر الوالدان من نبذ الطفل المعاق لأن هذا قد يدفعه إلى إنتهاج سلوكيات خطيرة مختلفة مثل العنف أو الرفض الدائم أو العناد أو الأنانية والرغبة في إيذاء المحيطين وما لم يتدارك الوالدان هذا الخطر سيكون من الصعوبة بشكل كبير علاج شخصيته.
ومن أمثلة ذلك أن الوالدين عليهما عدم إحتقار ابنهما المعاق فلا يرفضان مساعدته دائماً ولا يبديان أي درجة من الملل أو الفتور في مجال تقديم يد العون له، أو السخرية منه ولو بدون قصد مع إدراك أن الطفل المعاق يكون شديد الحساسية وقد يفسر بعض الكلمات على أنها نوع من السخرية حتى لو لم يكن هذا هو الواقع.
من الضروري كذلك أن يكون تعليم الطفل المعاق بعض الآداب والسلوكيات بأسلوب طيب حنون وألا يتم اللجوء إلى الضغط أو الإرهاب والتهديد سواء كان ذلك من الناحية الجسدية أو المعنوية، مع تلافي وضع هذا الطفل في حالة من الخوف الدائم والمستمر.
من أشد المخاطر التي يتعرض لها الطفل المعاق والتي يجب أن ينتبه لها الوالدان حرمان الطفل من المشاركة الإجتماعية وتركه في حالة عزله منبوذاً بمفرده لمدد طويلة، على الرغم من أن أكبر الوسائل التي تعين هذا الطفل على تجاوز محنة الإعاقة أن يكون في حالة تفاعل مستمر مع أقرانه ومع كل أفراد المجتمع المحيط.
على الوالدين أن يتذكرا على الدوام أن كل سلوك تجاه الطفل المعاق يشعره بأنه غير محبوب أو مرغوب فيه أو غير ذي قيمة داخل الأسرة هو سلوك خاطىء ومدمر لأنه سيترك الطفل فريسة للإحساس بضياع الثقة والرغبة في الموت وعدم الإحساس بطعم الحياة أو إستشعار السعادة.
لا يمكن أن تكون الأساليب العقابية التي تستخدم مع الطفل المعاق هي ذاتها التي يمكن الإعتماد عليها مع الطفل السليم لأن العقاب يفترض فيه أن يكون ذا وظيفة تربوية إيجابية وليس وسيلة للإنتقام أو تفريغ غضب الوالدين، ويزداد الأمر أهمية فيما يتعلق بالطفل المعاق حيث يجب أن تكون معاقبته في أضيق نطاق وعند التأكد التام من أن هذه العقوبة ستسفر عن سلوك إيجابي ونتيجة مؤكدة.
ويجدر بكل أب وأم ابتليا بوجود ابن من ذوي الإحتياجات الخاصة إدراك ضرورة إشباع إحتياجات الطفل المعاق العاطفية والنفسية وإشعاره بالحب والإحتواء والإستقرار لأن عدم الإهتمام بمنحه العاطفة الفياضة المتدفقة سيفقده إحساسه بمكانته داخل الأسرة ثم يفقد بالتدريج إحساسه بالإنتماء إلى هذا الكيان مما يجعل شخصيته تصاب بالقلق والإحباط والتخبط في السلوك.
الكاتب: أحمد عباس.
المصدر: موقع رسالة المرأة.